اكثر من 130 متحف تنتشر فى اذربیجان
تعكس المتاحف في شتى بلدان العالم مراحل تطور البلد التاریخیة والخصائص الثقافیة والفنیة والحضاریة التي اتسمت بھا الشعوب والاقلیات التي عاشت في ھذا البلد او مرت عبره على مر الحقبة الطویلة من تطوره. وفي اذربیجان یوجد حالیا اكثر من 130 متحفا وفرعا لھا تنتشر في مختلف المدن والتجمعات السكانیة الكبرى وخاصة في العاصمة باكو التى تفتخر بمحتویاتھا القیمة والفریدة. الا ان الغالبیة العظمى من ھذه المتاحف وخلال حالة الفوضى التي شھدتھا البلاد في مرحلة انحلال الاتحاد السوفیتي والحرب بین اذربیجان وارمینیا حول اقلیم ناغورني كاراباخ تعرضت الى النھب والسلب وتھریب محتویاتھا الى الخارج ومازال مصیر الكثیر من ھذه الاعمال القیمة مجھولا حتى الان. وتشكل البلدة القدیمة في وسط باكو اكبر متحف مفتوح في اذربیجان والتي یفضلھا الزوار الاجانب والسیاح لكثرة عدد الاماكن الاثریة والمساجد التاریخیة والقصور والحمامات وغیرھا ذات الفن المعماري الممیز والتي یزید عددھا على 500 موقع. ومن اھمھا قصر “شیرفان شاه” الذي یعود تاریخ بنائه للقرن الخامس عشر و”قلعة البنت” الشھیرة التي یعود تاریخھا لعدة قرون قبل المیلاد اضافة الى عدد من المساجد والحمامات القدیمة التي بنیت خلال القرن العاشر المیلادي. كما ان البلدة القدیمة غنیة بحیاتھا الثقافیة حیث تنتشر فیھاالكثیر من المقاھي ومحلات بیع التحف والسجاد القدیم وصالات الجالیري ومعارض الفنانین والملاھي اللیلیة التي تجذب السیاح الاجانب بشكل خاص. ویعتبر متحف التاریخ حسب المصادر الاذربیجانیة من اكبر المتاحف في منطقة جنوب القوقاز ویقع في عمارة قدیمة في وسط باكو تتكون من 3 طبقات واكثر من 100 قاعة مختلفة الاحجام ویعود تاریخ بنائھا الى القرن التاسع عشر. وتأسس المتحف في 15 یونیو عام 1920 مباشرة بعد ضم اذربیجان الى عضویة الاتحاد السوفیتي السابق – وقالت مدیرة متحف التاریخ الدكتورة نائله فیلي خانلي في لقاء مع وكالة الانباء الكویتیة: بان المتحف “یعتبر من اھم المتاحف في اذربیجان لامتلاكه عشرات الالاف من التحف والمقتنیات الاثریة والتاریخیة التي ورثتھا الحضارات المتعاقبة على مر الزمان في اذربیجان ودوره في حمایتھا والحفاظ علیھا”. واضافت الدكتورة نائله وھي مستشرقة ومتخصصة في التاریخ الاسلامي ترجمت كتاب “المسالك والممالك” الى اللغة الروسیة وعدد من الكتب الاخرى الى الاذربیجانیة” انه وبخلاف المتاحف الصغیرة الاخرى التي كانت منتشرة في المعاھد التعلیمیة في اذربیجان في ذلك الوقت فان متحف التاریخ كان الاول من نوعه الذي یحمل صفات متحف”. ویتكون المتحف حالیا من عدة اقسام تعكس تاریخ اذربیجان القدیم والحدیث بما تحتویه من قطع وتحف فنیة واثریة یزید عددھا على اكثر من 250 الف قطعة اضافة الى مكتبة غنیة باكثر من 100 الف كتاب ومخطوطة فریدة من نوعھا. وتنتشر فى احدى قاعات المتحف لوحات حجریة تقلیدیة تمثل الرسومات الحقیقیة الموجودة على الصخور في منطقة غوبوستان الجبلیة التي تقع على شاطئ بحر قزوین الى الجنوب من مدینة باكو والتي كانت تمر منھا قوافل التجار بین الخلیج الفارسي ومنطقة القوقاز. ویعود تاریخ ھذه الرسومات الى اكثر من 10 الاف عام وتعكس بشكل جید تاریخ اذربیجان خلال العصور الحجریة وثقافة الشعوب التي عاشت خلالھا والتي لا تختلف كثیرا عن حضارات الشرق القدیم. ویمكن من خلال ھذه الرسومات التعرف على كثیر من الطقوس الثقافیة والفنیة للشعوب القدیمة التي عاشت في المنطقة والتي تصورھا رسومات لحلقات رقص وغناء وعزف على الموسیقى الى المستوى والتطور الفني في ذلك الوقت. ویظھر المتحف طریق طویل من النضال الذي خاضه الاذربیجانیون على مدى اكثر من الفي عام من اجل استقلالھم وحریتھم ویعید رسم تاریخھم الذي محاه الاحتلال والایدیولوجیة السوفیتیة الشیوعیة على مدى اكثر من 70 عاما ویذكر بالابطال القومیین الذین سقطوا خلال فترة القمع الستالینیة في نھایة ثلاثینات وسنوات الحرب العالمیة الثانیة وحول الصعوبات والمراحل التاریخیة التي مر بھا المتحف قالت الدكتورة نائله انه عانى من الاھمال والخراب خلال سنوات الحرب العالمیة الثانیة اضافة الى اعتقال ونفي واعدام العدید من الاخصائیین الاذربیجانیین العاملین به خلال فترة الاضطاد الستالیني خاصة في العام 1938 والذین اتھموا بالعمل ضد النظام الشیوعي والتمسك بالدین الاسلامي الذي كان ممنوعا في ذلك الوقت. واكدت ان احدى الصعوبات الخطیرة التي واجھت المتحف وشكلت عقبة في طریق تطوره خلال الحقبة السوفیتیة تمثلت في سیطرة اخصائیین من الاصول الارمنیة على ادارته والذین عملوا على اضغافه واھماله وفق خطة مرسومة ومحبوكة بشكل جید ھدفت لاخفاء الحقائق حول تاریخ اذربیجان وتجھیل الاذربیجانیین بتاریخھم لتسھیل مھمة عزلھم عن شعوب الشرق الاسلامیة وتمریر ادعائھم بملكیة معظم الاراض الاذربیجانیة على اعتبار انھا كانت في یوم ما جزءا من ارمینیا التاریخیة”. واضافت انه بالرغم من اھتمام الحكومة بتطویر المتحف في مرحلة ما بعد الاستقلال الا ان المیزانیة المخصصة له غیر كافیة وان المبنى قدیم وبحاجة الى ترمیم وصیانة كما ان المتحف ینقصه الكثیر من الاجھزة التكنولوجیة الحدیثة للقیام بدوره على اكمل وجه. واشتكت الدكتورة نائله من قلة الزوار والوفود العرب وبشكل خاص الكویتین معیدة اسباب ذلك الى ضعف التعاون السیاحي بین اذربیجان والكویت والى عدم وجود خط طیران مباشر یربط البلدین. ودعت المؤوسسات الكویتیة والعربیة الى التعاون مع المتحف من خلال تنظیم معارض وحلقات بحث مشتركة ومؤتمرات دراسیة وعلمیة لتبادل المعلومات. ویحتل متحف الاداب الموقع الثاني بعد متحف التاریخ من حیث الحجم والاھمیة ویقع على بعد عدة امتار خارج سور البلدة القدیمة في باكو في مبنى غایة في الجمال شید في بدایة القرن التاسع عشر كفندق لتجار القوافل تحیط به الاشجار والنوافیر من كل جوانبه. وقالت مساعدة مدیر المتحف زاریما ابراھیموفا في لقاء “ان المتحف الذي اطلق علیه اسم الادیب الشاعر نظامي تاسس في 14 مایو عام 1945 بمناسبة الاحتفال بالذكرى 800 لمیلاد الشاعر العظیم”. واضافت انه في السنوات الاولى من تاریخه كان المتحف مخصص فقط للتعریف بابداعات واعمال الشاعر نظامي الادبیة الا انه تطور منذ العام 1967 لیصبح مركز تعریف بثقافة اذربیجان وحضارته وباعمال ابرز الشعراء والادباء الذین عاشوا في اذربیجان او الذین ابدعوا خارجھا من ذوي الاصول الاذریة. وبین ان ھؤلاء الشعراء والادباء اثروا الادب العالمي باعمالھم وابداعاتھم التي كتبت بالعربیة والفارسیة والاذربیجانیة وابرزھم الشاعر محمد الفضولي البغدادي الذي ولد في بدایة القرن السادس عشر في كربلاء العراق في اسرة اذربیجانیة واشتھر كثیرا في العالم العربي. ویضم المتحف قاعة خاصة لاول اوبرا في اذربیجان بعنوان “لیلى والمجنون” والتي وضع الحانھا الملحن الاذربیجاني الشھیر حج بیكوف في العام 1908. ویضم المتحف كذلك قاعات عدیدة لابرز الشعراء والادباء الاذربیجانیین خلال القرنین التاسع عشر والعشرین واشھرھم عباس باكیخانوف والشاعر میرزا فازیخ الذي عبر في اشعاره عن حبه للانسان وصون كرامته ودعوته للحریة والتحرر من العبودیة والظلم والامتھان والكاتب میرزا اخوندوف الذي لعب دورا كبیرا في تطویر الادب الاذربیجاني واغنى المكتبة باعمالة الفنیة النقدیة والساخرة الفكاھیة والتي وضع من خلالھا اسس فن الدراما في الادب الاذربیجاني والشرق الاوسط. ویفرد المتحف قاعة خاصة للتعریف بالشاعرة الاذربیجانیة الشھیرة خورشود بانو ناتافان التي عاشت خلال الفترة من 1837 وحتى 1897 اضافة الى عدد من الشاعرات والكاتبات الاخریات الواتي تركن اثرا كبیرا في تطویر الادب والثقافة الاذربیجانیة.